كيف يطلق الغرب الرصاص على قدميه؟

اخترنا لك

 

“ربما لا يعي سكان البلدان التي فرضت عقوباتها الاقتصادية على روسيا أنهم سيكونون ضحايا لتلك العقوبات.

ترجمة خاصة-الخبر اليمني:

بينما يفكّر السياسيون الأوروبيون والأمريكيون فيما يمكن فرضه من حزم جديدة من العقوبات والإجراءات ضد روسيا، يحث الاقتصاديون الغربيون المواطنين في بلدانهم على الاستعداد لزيادة قياسية في أسعار الوقود والمرافق والطعام والسفر. هذا إذن هو ثمن العقوبات في عالمنا المترابط والمتبادل.

الغاز والنفط

يبدو أن أسهل طريقة هي “قرص أذن روسيا”، بالتخلي عن مواردها من الطاقة، ولكن من دون المساس بأنفسهم. اتضح أنه من الصعب القيام بذلك حتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. ففي 8 مارس، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، حظر استيراد النفط والغاز الروسيين. في نفس اليوم، أعلنت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” بالفعل عن ضحايا لهذه العقوبات في ولاية كاليفورنيا بأكملها، حينما قفزت أسعار البنزين في الوقت الراهن، محطمة الرقم القياسي لعام 2008، التي لا تُنسى في الولايات المتحدة الأمريكية. ووفقاً للصحيفة، فقد كانت حصة روسيا في واردات النفط الأمريكية صغيرة على ما يبدو (حوالي 3%)، لكن ما يقرب من نصف هذا النفط كان يأتي عبر طريق واحد إلى كاليفورنيا وهاواي.

ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فإن “الموقف المتشدد تجاه فلاديمير بوتين كان من المفترض بالطبع أن يكون له ثمن. لكن الكثيرين مندهشون وقلقون بشأن السرعة التي يتعيّن عليهم دفعها الآن”.

أما في أوروبا فالوضع أسوأ. وكان الأمر ليصبح هيناً لو كان تخلي الأوروبيين فقط عن “السيل الشمالي-2″، لكن “غاز بروم” الروسية لا زالت حتى اللحظة تواصل توفير الغاز وعبر أوكرانيا. ولكن، وعلى خلفية عدم اليقين العام، والخطاب المعادي لروسيا، حاولت أسعار صرف الغاز بالفعل الوصول إلى 2000 دولار و3000 دولار لكل ألف متر مكعب. آخر الأخبار من برلين: ارتفاع أسعار الغاز منذ الأول من مايو بالنسبة للسكان بنسبة 26%، حيث يعد هذا الارتفاع الخطير في الأسعار الأول منذ 170 عاماً من تاريخ “غازاغ” GASAG، التي أعلنت عنه.

المناسبة، فقد تسارع التضخم السنوي في منطقة اليورو، فبراير الماضي، إلى 5.8%. وعلى عكس الروس، فإن المواطنين الأوروبيين ليسوا معتادين على الإطلاق على مثل هذه الأرقام، وحتى وقت قريب، كان تضخمهم عند مستوى 1-1.5%. بينما بلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية 7.9%، وهو رقم قياسي منذ 40 عاماً. لم يلجأ بايدن إلى اختلاق الذرائع، وإنما قال بوضوح إن ذلك كان بسبب العقوبات المفروضة على روسيا.

الأسمدة

كانت هناك مشكلة في الأسمدة حتى قبل العقوبات، على خلفية أزمة الطاقة الأوروبية ما بعد “كوفيد-19”. وبسبب ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، توقف عملياً إنتاج أسمدة الأمونيا المحلية التي تتطلب كثيراً من الوقود. الآن ازداد الأمر سوءاً بازدياد أزمة الغاز. وإذا كانت الأسمدة الرخيصة نسبياً تأتي من روسيا، فالآن…

بدأت بعض شركات النقل الدولية في رفض النقل للمصدرين الروس. ونتيجة لذلك، تم تعليق عمليات التسليم، بالتزامن تحديداً مع موسم البذر.

إقرأ أيضا:صحافة روسية-كم هي أكاذيب امبراطورية أمريكا

ووفقاً للتقديرات التي نقلتها “رويترز”، كانت روسيا تزوّد أوروبا بنحو 25% من أهم أسمدة النيتروجين والبوتاس والفوسفات. بالإضافة إلى ذلك، يقع خمس السوق العالمية لأسمدة البوتاس في بيلاروس، التي قطعت أوروبا معها أيضاً علاقاتها. ومن الصعب للغاية استبدال هذه الكميات بأي شيء، خاصة في وقت قصير. ومن المتوقع انخفاض المساحات المزروعة والإنتاجية، الأمر الذي يهدد برفع أسعار المواد الغذائية.

من السيئ كذلك أن روسيا وأوكرانيا استحوذتا على ثلث صادرات القمح في العالم و80% من إمدادات زيت عباد الشمس. لذلك قفزت أسعار القمح في البورصات العالمية بنسبة 50% بمجرد الحديث عن العقوبات ضد روسيا وانفصالها عن نظام “سويفت” SWIFT، حيث يشير عدد من الصحف الأجنبية إلى أن الحالة الراهنة في سوق الحبوب العالمية هي “الفوضى”.

العقوبات الجوية

قبل 28 مارس الجاري، يجب على شركات التأجير الأوروبية سحب جميع طائراتها من روسيا. هذا جزء من العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي. أما عن كيفية تنفيذ هذه العقوبات، فـ “أصحاب” هذه الطائرات لا زالوا عاجزين عن الفهم. حتى الآن، حالف النجاح أصحاب الطائرات في “احتجاز” 4 طائرات في مطارات أجنبية من بين أكثر من 500 طائرة، ثم بدأت شركات الطيران الروسية، ذات الطائرات “الخاضعة للعقوبات” الواحدة تلو الأخرى في رفض الرحلات الجوية إلى الخارج.

بالنسبة لشركات التأجير، فإن كسر العقود مع شركات النقل الجوي الكبرى التي كانت تسدد المدفوعات بانتظام سيكون أمراً مزعجاً في حد ذاته. تمتلك شركة “إير كاب” الأيرلندية وحدها 152 طائرة مستأجرة في روسيا، بما في ذلك 96 طائرة مؤجرة لشركة “أيروفلوت” الخطوط الجوية الروسية. الآن، لم تتوقف المدفوعات فحسب، بل إنه من غير الواضح الآن كيفية استرجاع هذه الطائرات بل وما العمل بهذا الكم من الطائرات المسترجعة.

لقد بدأت صناعة الطيران العالمية لتوها في التعافي من جائحة كورونا، ولا أحد بالفعل يحتاج إلى 500 طائرة إضافية موجودة على الأرض. ووفقاً لتوقعات رئيس شركة الطيران الاستشارية الأوروبية IBA، فيليب سيمور، نقلاً عن “بلومبرغ”، فقد تواجه شركات التأجير الأوروبية سلسلة من حالات الإفلاس.

بل إن شبح الإفلاس غير مستبعد بين شركات الطيران. ولم يكن في حسبان الدول الصغيرة في أوروبا الشرقية، ممن كانوا في طليعة المقاطعين وأغلقوا مجالاتهم الجوية أمام الطائرات الروسية، كيف ستنقلب الأزمة عليهم. اليوم، تغلق روسيا مجالها الجوي أمام 40 دولة، رداً على إغلاق مماثل من هذه الدول.

وبعد أسبوع واحد من الرحلات الجوية على الطرق الجديدة، تحلق الدول بعيداً عن نصف أوراسيا، وتلك خسائر فعلية. أعلنت شركة “فين إير” Finnair، إحدى أكبر شركات الطيران في أوروبا عن إلغائها جزءاً من رحلاتها إلى آسيا لعدم ربحيتها وإرسال مئات الموظفين في إجازة غير مدفوعة الأجر. في المقابل، قلّصت شركات الطيران اليابانية رحلاتها إلى أوروبا (انضمت اليابان كذلك إلى العقوبات “السماوية” ضد روسيا)، وهي تطلب مساعدة مالية من الحكومة.

بالمناسبة..

كيف يمكننا الرد؟

كانت هناك مخاوف كثيرة بشأن رفض تايوان إمداد روسيا بأشباه الموصلات “الرقائق” الإلكترونية، والتي من الصعب استبدالها بسرعة بشيء ما، فلا يوجد سوى مصنع واحد أو مصنعان ينتجان مثل هذه المنتجات الفريدة في العالم. لكن لدى روسيا أيضاً فرصة لعمل تلك الرقائق محلياً. تمتلك بلادنا 80% من السوق العالمية لطبقات الياقوت، المستخدمة في الإلكترونيات الدقيقة. وعلى وجه الخصوص في أي معالج.

  • بالنسبة لبعض العناصر الأرضية النادرة، والتي بدونها يستحيل كذلك إنتاج دوائر كهربائية دقيقة، تمتلك روسيا 100% من سوق بعض هذه العناصر. وحتى وقت كتابة هذا المقال، لم تتوقف روسيا عن تصدير الياقوت الاصطناعي والعناصر الأرضية النادرة. لكن هذا الاحتمال، كجزء من الرد على العقوبات، تمت مناقشته. يمكن أن تصبح الأزمة الأكثر حدة في السوق العالمية للإلكترونيات الدقيقة نتيجة لذلك.
  • تعتبر روسيا أكبر مورّد للميثانول ومشتقاته، وهو المادة الخام التي بدونها سوف تواجه الصناعة الكيميائية الأوروبية صعوبات. ويستخدم الميثانول ومشتقاته في إنتاج البلاستيك والدهانات والورنيشات والمواد الكيميائية المنزلية. تبلغ حصة الشركات المصنعة الروسية لهذه المواد في السوق الأوروبية 40-50%.
  • تم بالفعل إيقاف تصدير محركات الصواريخ الروسية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي تصريح لرئيس مؤسسة “روس كوسموس” الفضائية الروسية، قال دميتري روغوزين: “فليطيروا إذن على المكانس الأسطورية”. يبدو التصريح طريفاً، إلا أنه وعلى الرغم من أن شركة “سبيس إكس” لإيلون ماسك لديها محركات صاروخية خاصة بها، إلا أن إعادة بناء برامج الفضاء أثناء التنقل أمر مكلّف ولا يمكن التنبؤ به. وقد تم اختبار المحركات الروسية بمرور الوقت، وليس من قبيل المصادفة أن الأمريكيين حتى الآن يفضلون شرائها. وفي الفترة من 2022-2024، كان من المفترض بنا أن نرسل 12 محركاً صاروخياً روسياً من طراز “آر دي-181″ RD-181 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن هذه الصفقة أزيحت هي الأخرى بمكنسة.”

 

 

الكاتب: يلينا أودينتسوفا

صحيفة: كمسمولسكايا برافدا

بتاريخ 15 مارس 2022

 

 

 

 

 

أحدث العناوين

بالفيديو .. عضو بالكونغرس الامريكي ينضم لمظاهرات تكساس تضامناً مع غزة

انضم عضو بالكونجري الامريكي للمظاهرات المنددة بالاعتداء والقتل والتنكيل التي تمارسة اسرائيل في غزة والقى خطاب تضامني في التظاهرة متابعات-...

مقالات ذات صلة