يحاول التقرير رصد أبرز الناجين من «مذبحة ابن سلمان»، من خلال استعراض الباقين من آل سعود، من لم يجر استيقافه، أو وضعه تحت الإقامة الجبرية، ومن أبرز الناجين من هذه المذبحة، هو خالد الفيصل بن عبد العزيز، وهو نجل الملك فيصل، وشقيق الأمير سعود بن فيصل، أطول وزير خارجية سعودي من حيث المدة التي قضاها في المنصب، والذي رحل منذ عامين.
وأيضًا تشمل القائمة الناجين من هذه الحملة الشرسة من أولاد الجيل الثاني من آل سعود، وكذلك من فلت من تجميد أمواله من رجال الأعمال السعوديين.
خالد الفيصل بن عبد العزيز.. الدعم الإماراتي وميوله الاستسلامية يكفلان أمانه
هو الابن الثالث من أبناء الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الثالث. لم يشغل مناصب نافذة داخل السلطة؛ فهو يعمل مستشارًا للملك سلمان بن عبد العزيز، وأمير منطقة مكة المكرمة (للمرة الثانية)، وهو عضو في هيئة البيعة السعودية، مُمثلًا عن والده.
وتعامل خالد الفيصل مع الصعود الكبير لمحمد بن سلمان بقبول يصل إلى درجة الاستسلام للواقع، على خلاف بعض أبناء عمومته الذين وجدوا في ترقي الأمير الشاب داخل سُلم السلطة تجاوزًا لتقاليد العائلة المالكة، ورفض بعضهم مبايعته، أو التشاور لصده عن سياسته العدائية.
يتجلى ذلك الاستسلام والقبول بالأمر الواقع في برقية التهنئة التي بعثها «خالد» إلى الأمير محمد بن سلمان بمناسبة اختياره وليًا للعهد، وذكر فيها «أصالة عن نفسي، ونيابة عن مشايخ وأهالي وأعيان منطقة مكة المكرمة، أبعث لسموكم بخالص التهاني والتبريكات على الثقة الغالية الكريمة من سيدي خادم الحرمين الشرفين الملك سلمان بن عبد العزيز باختياركم وليًا للعهد». وأنهى برقيته بالتأكيد على الولاء المطلق: «ونبايع سموكم على كتاب الله وسنة رسوله، سائلًا الله سبحانه وتعالى لكم العون والتوفيق والسداد».
وحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، فالأمير خالد الفيصل كان موجودًا في مدينة شرم الشيخ خلال موجة الاعتقالات التي طالت أبناء أعمامه وكبار المستثمرين السعوديين، بعد إيفاده من جانب الملك سلمان مندوبًا عنه للمُشاركة في الجلسة الافتتاحية لمنتدى «شباب العالم» بمصر.
ساعدت ميول خالد الفيصل، وتركيبته الشخصية، التي لا تسعى للصدام، بالابتعاد عن دوائر الصراع حول السلطة، إذ انحصرت أنشطته في الثقافة والندوات الفكرية، وإيلاء اهتمام أكبر بمؤسسة الفكر العربي، التي يرأسها، وهو ما جعله آمنًا من الصدام مع الأمير الشاب، أو أن يلقي نفس مصير أبناء عمومته.
يدعم ابتعاد «خالد» عن دوائر الصراع والسلطة، الاحتفاء الإماراتي الرسمي به على عكس أبناء أعمامه الذين يقفون في معسكر معادٍ لدولة الإمارات، الداعم الأول للأمير الشاب، والتي باركت إجراءات الاعتقال الأخيرة. يتضح هذا الاحتفاء في منح الإمارات جائزة الشخصية الثقافية للدورة 34 من معرض الشارقة للكتاب له، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
سعود بن نايف.. منصب وزير الداخلية لنجله مقابل الولاء والأمان
سعود بن نايف، هو الابن الأكبر للأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد السعودي السابق، وشغل منصب رئيس ديوان ولي العهد، والمستشار الخاص له، ومستشار النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ومساعد وزير الداخلية للشؤون العامة سابقًا، ويشغل حاليًا منصب أمير المنطقة الشرقية.
وصدر بشأن نجل سعود الأمير الشاب عبد العزيز بن سعود بن نايف، قرارًا ملكيًّا بتعيينه، وزيرًا للداخلية، في 21 يونيو (حزيران) 2017، ضمن سلسلة القرارات الملكية لتوطيد سلطات ولي العهد.
وظهر سعود بن نايف، داعمًا ومؤيدًا لكافة الإجراءات التي شرع ولي العهد في اتخاذها من تجريد صلاحيات أخيه الأصغر في قطاع الأمن؛ فكان أول المُباركين للأوامر الملكية بإنشاء رئاسة أمن الدولة، والتي أكد «أنها تضمن منظومة أمنية شاملة؛ مما يجعلها بمثابة درع حصين يعزز حماية الوطن، ويركز جهود المملكة في مجال مكافحة آفة الإرهاب، وكل ما يهدد أمن المملكة».
ويتأكد دعم سعود بن نايف للأمير الشاب في تمثيله من جانب ولي العهد محمد بن سلمان، لاستقبال جموع المبايعين من أعيان ووجهاء وأهالي المنطقة الشرقية، لمبايعة الأمير الشاب على كتاب الله وسنة نبيه وليًا للعهد.
ويبدو تعيين نجل سعود في منصب ذي حساسية، والذي لم يخرج من قبضة «آل نايف» تاريخيًّا؛ ترضية له ومقابلًا لسكوته حيال مُمارسات الأمير الشاب، مثل عزل أخيه الأصغر محمد بن نايف من كافة صلاحياته، وإعفائه من منصب ولي العهد، ووضعه تحت الإقامة الجبرية.
خالد بن سلطان.. مُنافس «ابن سلمان» الذي اختار بر الأمان
هو الابن الأكبر للأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، وتدرج في المناصب داخل وزارة الدفاع السعودية، بعد تخرجه في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، ليصير نائبًا للوزير، وأحد المخولين بإتمام صفقات السلاح مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وجرى تقليص نفوذ «خالد» داخل وزارة الدفاع، عبر قرار ملكي صادر من الملك عبد الله، بعزله من منصب نائب وزير الدفاع، قبل أن يواصل محمد بن سلمان أدواره في تقليص نفوذه عبر تحجيم تأثير كافة المنافذ الإعلامية التي تتصل به، مثل جريدة الحياة اللندنية، وكذلك بالمجموعات المتنفذة داخل الجناح الملكي، والتي لا تتوافق مع سياسات الأمير الشاب.
وكان يُنظر لخالد بن سلطان، باعتباره منافسًا مُحتملًا للأمير الشاب؛ فهو نجل ولي عهد راحل، وسبق لخالد شغل مناصب نافذة في سُلم السلطة، ويبدو أن عزله خلال ولاية الملك «عبد الله»، وتقليص أذرعه الإعلامية خلال ولاية الملك «سلمان» جعلته مُدركًا أنه غير مُسلح بالنفوذ الكافي الذي يجعله يدخل معركة مع «محمد بن سلمان»؛ فكان خياره النأي بنفسه عن دوائر الصراع، ويجد نفسه على بر الأمان في موجة الاعتقالات التي طالت منافسه الآخر، وابن عمه «متعب بن عبد الله».
واستحوذ الأمير خالد بن سلطان على الجريدة في عام 1988 بعد شرائها، وسمح بتداولها في السعودية في عام 1996، لتُصبح واحدة من كُبرى الصحف العربية. تقليص صلاحيات «الحياة» جاء لحساب جريدة «الشرق الأوسط» المملوكة للملك سلمان بن عبد العزيز، ويرأس مجلس إدارة الشركة المسئولة عن نشر الجريدة «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» شقيق ولي العهد تركي بن سلمان آل سعود، إذ سعى من خلال نقل كوادر الحياة التحريرية، كغسان شربل رئيس التحرير إلى «الشرق الأوسط»، إلى منح الجريدة صلاحيات واسعة، وتأثيرًا أكبر.
محمد بن فهد بن عبدالعزيز.. شبه آمن
هو الابن الثاني من أبناء الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وهو وجه من أبرز وجوه الجيل الثاني من الأسرة المالكة بالمملكة العربية السعودية، وبعد وفاة الملك فهد بن عبد العزيز، جرى تهميش أبنائه من أغلب المناصب النافذة، وهو ما دفع أغلبهم للانتقال إلى الخارج، والعيش في هدوء بعيدًا عن ضجيج السلطة وصراعاتها.
وجرى إعفاء محمد بن فهد من منصبه أميرًا للمنطقة الشرقية خلال ولاية الملك «عبد الله» في يناير (كانون الثاني) 2013، ليبدأ بعد ذلك في التوسع في العمل الإنمائي والإنساني عبر إطلاق المبادرات، والبرامج المتنوعة لخدمة مختلف شرائح المجتمع، والإسهام في قضايا التنمية الإنسانية داخل المملكة وخارجها من خلال المؤسسة التي يترأسها، وهي مؤسسةمحمد بن فهد للتنمية الإنسانية.
تغيب أي معلومات حديثة عن الأمير محمد بن فهد على شبكة الإنترنت، أو على موقع المؤسسة التي يترأسها، وكذلك على موقع وكالة الأنباء السعودية الرسمية، ويُعزز احتمالية وجود الأمير محمد بن فهد خارج المملكة عدم ذكر اسمه ضمن قائمة الحاضرين لعزاء ابن عمه منصور بن مقرن، الذي حضره كافة أفراد العائلة، وعلى رأسهم محمد بن نايف، وهو شقيق زوجته.
للأمير الذي يُقارب الـ60 عامًا، ثلاثة أبناء ذكور؛ الابن الأكبر منهم هو تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز الذي صدرمرسوم ملكي بتعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بمرتبة وزير، في يونيو (حزيران) 2017، قبل أن تنتشر أخبار على مدار اليومين الأخيرين تقول إنه لجأ إلى إيران، ولم يتم التأكد من صحة هذه المعلومة.
الاستثناء الوحيد من العيش في هدوء من أبناء الملك فهد، كان عبد العزيز بن فهد، وهو الشقيق الأصغر لمحمد، الذيدأب على نشر تغريدات على حسابه بموقع «تويتر» يهاجم فيها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، قبل أن يتم اعتقاله في الحملة الأخيرة، وتخرج أخبار حول وفاته، في مركز الاحتجاز، أو مقتله بحسب رواية سائدة أخرى بعد أن قاوم عملية اعتقاله، قبل أن يصدر بيان رسمي من جانب السلطات السعودية تنفي فيه خبر مقتل الأمير عبد العزيز بن فهد خلال الحملة الأخيرة لملاحقة الفساد في المملكة.
بندر بن سلطان.. رجل أمريكا المخضرم خارج التوقيف هو وأولاده
والده هو الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود. وهو واحد من رموز الدبلوماسية السعودية داخل واشنطن، ممن تشكل له عبر سنوات خدمته سفيرًا للمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية، علاقات نافذة مع أصحاب القوّة والنفوذ والمراكز العليا، وعلاقة شديدة الخصوصية مع وسائل الإعلام الأمريكية، فهو الرجل الذي استعان به بوش الأب ليعلِّم ابنه جورج السياسة في الشرق الأوسط، قبل أن يُرشح نفسه لرئاسة أمريكا، ويفوز بها مرتين.
خلال ولاية الملك سلمان، قُلصت صلاحيات بندر بمرسوم ملكي، وفي أبريل (نيسان) 2014 صدر أمر ملكي بإعفائه من منصبه بناءً على طلبه كرئيس للاستخبارات السعودية، قبل أن يصدر قرار آخر في يناير 2015 بإعفائه من منصب رئاسة مجلس الأمن الوطني السعودي.
حمى النفوذ الحقيقي لبندر بن سلطان داخل واشنطن، وقبوله بالواقع والتغييرات الأخيرة نفسه وأولاده من أن تنتهي مصائرهم في أحد الفنادق كمتهمين في قضايا فساد، ويظهر هذا القبول بالتغييرات في زيارته للأمير الشاب في منزله لتقديم البيعة له وليًا للعهد.
يعزز ذلك تعيين نجله خالد سفيرًا للمملكة في ألمانيا، وانخراط ولديه (عبد العزيز– فيصل) في أنشطة تجارية، غير عابئين بالصراع حول السلطة كحال أبناء عمومتهم.
أبرز الناجين من قطاع الأعمال السعودي
محمد عبد اللطيف جميل.. «الود» شافع له عند ولي العهد
هو رابع أغنى رجال الأعمال السعوديين بعد الوليد بن طلال، وصالح كامل، وعبد الرحمن الجريسي، بثروة تقدر بـ4 مليارات دولار. يرأس جميل مجموعة شركات عبد اللطيف جميل التي أسسها والده عبد اللطيف جميل في عام 1945، ويتنوع نشاطها بين تجارة السيارات، والعقارات، والإلكترونيات.
تعد مجموعة عبد اللطيف جميل اليوم من أكبر وكلاء سيارات تويوتا على مستوى العالم، وتملك وكالات لبيع هذه السيارات على مستوى الشرق الأوسط كله وآسيا الوسطى والصين، ويتمتع «الجميل» بعلاقة جيدة مع الملك سلمان ونجله؛ إذ سبق للملك سلمان استقبال «الجميل» قبل زيارته لليابان، بحضور رئيس مجلس إدارة شركة تويوتا العالمية السيد يوشي آمادا، وولي العهد محمد بن سلمان.
وسبق أن توجه له الملك سلمان بالشكر من خلال منصب ولي العهد، على مبادراته الاجتماعية إثر اطلاعه على التقرير السنوي للمبادرات عام 2011؛ مما قد يرجح أن تكون هذه العلاقة الجيدة منذ سنوات.
محمد بن عيسى الجابر.. ممتلكاته خارج المملكة
يحتل المرتبة الخامسة ضمن قائمة أثرياء المملكة؛ إذ تُقدر ثروته بنحو 6 مليارات دولار، ويملك مؤسسة إم بي آي الدولية القابضة التي تحوي استثمارات في أوروبا، والشرق الأوسط، وأمريكا، وتضم شركة جداول العالمية العقارية، وفنادق ومنتجعات JWT، ومنتجعات الجولف في سان لورنزوا في الجراف، وجراند هوتيل في فيينا.
ويملك مجموعة أجوا، وهي واحدة من أكبر شركات الأغذية في الشرق الأوسط، بالإضافة لشركة كونتينتوال، الشركة الدولية لحقول النفط، وإدارة الموارد النفطية، والتي تتوزع مكاتبها بين الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، يقيم الجابر خارج المملكة، وتندر المعلومات عن علاقاته بالأسرة الحاكمة، وتنحصر أخباره في المملكة بالتبرعات السخية، التي يدفعها لإنشاء مبانٍ جديدة لكلية دار الحكمة في جدة.
الراجحي.. خارج دوائر «الحصار»
أسس سليمان الراجحي «مصرف الراجحي»، ليكون أول بنك إسلامي في السعودية، وأحد البنوك الإسلامية الكبرى في العالم، فامتلك العديد من الشركات المساهمة في التنمية الزراعية والصناعية، ومختلف القطاعات الغذائية مثل الدواجن والأسماك، ولم ينحصر عمله في السعودية؛ بل تجاوزها إلى دول عربية.
وتٌقدر ثروته بنحو 8.4 مليار دولار، التي تتوزع على شركاته داخل وخارج المملكة، ويُدير أبناؤه شركاته، في المرحلة الحاليةويتمتع أبناؤه بصلات قوية مع الهيئات الحكومية، والملك سلمان ونجله، فواحد من أبنائه أحمد بن سليمان الراجحي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض التجارية، ومسؤول عن العديد من الهيئات التجارية.
ساسة بوست