*الطائفية؛ تسويق الوهم لتبرير الخيانة*

اخترنا لك

نسبة كبيرة من المثقفين العرب يبررون عداوتهم لإيران بالقول أنها دولة طائفية عنصرية!!

لو تأملنا أفعال إيران، سنجدها تدعم بالسلاح و المال و التدريب كلاً من حركة حماس “الإخوانية”، حركة الجهاد الإسلامي “السلفية”، الجبهة الشعبية “اليسارية”، حركة فتح الانتفاضة “العلمانية”… فهي تتحالف معهم بغض النظر عن المذهب أو الخلفية الإيديولوجية، كما تبدي استعدادها لدعم كل من يتوجه عمليا لمحاربة الكيان الصهيوني و الهيمنة الاستعمارية.

أبعد من ذلك، ترسل إيران سفنها بالوقود و الغذاء إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية لتكسر الحصار الأمريكي على فنزويلا المعادية للإمبريالية.
أيضا، في الصراع الجاري بين أذربيجان و أرمينيا، نجد إيران تدعم أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية لسبب وحيد هو أن أذربيجان متحالفة مع الكيان الصهيوني و خاضعة للهيمنة الأمريكية بينما أرمينيا ترفض الخضوع لإملاءات الكاوبوي الأمريكي.

بالمقابل نجد أولئك المثقفين و السياسيين العرب يحرِّضون القوى الاستعمارية على تدمير جارتهم التاريخية المسلمة إيران، بل يسعون للتحالف مع العدو الصهيوني ضدها، بحجة أن إيران شيعية فارسية!!
فمن الطائفي و من العنصري إذن؟ هم أم إيران!

أمثال هؤلاء المثقفين العرب هم الأكثر حضورا في الواجهة الإعلامية الممولة خليجيا، باعتبارهم جزء من منظومة دعائية هائلة تعمل منذ سنوات على التلاعب بوعي الناس و تحويل أذهان الشعوب العربية عن عدوها الفعلي، عبر الإيهام بوجود عدو بديل أشد خطرا. غايتهم هي تصوير العدو الفعلي باعتباره صديقا إجباريا يجب التحالف معه ضد الخطر الوهمي.
لأجل ذلك تم اختلاق فزاعة “إيران المجوسية” و “المد الشيعي” و غيرها من المصطلحات الدعائية التي جرى تعميمها لتترسخ في أذهان الجمهور بمرور الوقت، مع استخدامها أيضا لتشويه كل من يعارض المشاريع الأمريكية الصهيونية، من خلال اتهامات العمالة للمجوس و التآمر على الإسلام السُنِّي.
الملفت للنظر، هو أن مساعي النخب العربية لزرع مشاعر الكراهية ضد إيران تأتي متوافقة مع الدعاية التي يروجها الكيان الصهيوني في نفس الاتجاه منذ سنوات. إلى درجة صار يصعب فيها تمييز مقولات غالبية المثقفين العرب عن الخطاب الذي يروجه نتنياهو و أفيخاي أدرعي!!

هكذا، ببساطة يمكن معرفة المستفيد من تحويل ما يجري إلى صراع شيعي سُني.
كما لا يحتاج الأمر قدرا كبيرا من الذكاء لمعرفة الطرف الذي سيتضرر من استدعاء أو اختلاق صراعات جانبية و تضخيمها أثناء اشتداد المواجهة ضد المحور الاستعماري و مشاريعه لصهينة المنطقة بالكامل، و التي دخلت مرحلتها الأخيرة عبر الاعتراف بضم القدس و إعلان صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا. و هي الصفقة التي لا يمكن تمريرها إلا بتفكيك محور المقاومة و نزع سلاحه.
فالخاسر هو الأمة العربية و الإسلامية بأكملها شعوبا و بلدانا و موارد. و ستكون الأحقاد الطائفية هي أخطر نقاط الضعف و أهم عوامل الخسارة التي إن حدثت، فستدوم نتائجها طوال عدة عقود، و سيحمل وزرها من يجندون أنفسهم لحماية المشروع الصهيوني.

المواجهة حتمية، لهذا فعلى من يتشبثون بأحقادهم الطائفية إلى درجة تجعلهم يرفضون أو يعجزون عن المشاركة في صراع التحرر ضد الهيمنة الأمريكية، عليهم، على الأقل، ألا يندفعوا لاعتراض من يخوض المواجهة نيابة عنهم ضد العدو المشترك.

 

أكرم عبدالفتاح/ كاتب وباحث يمني

أحدث العناوين

By “long-range” weapons.. America reveals details of new clashes in the Red Sea

The US forces revealed on Thursday the behind-the-scenes of new confrontations in the Red Sea, where Yemeni forces tested...

مقالات ذات صلة