انتهت القمة الفرنسية – البريطانية التي عقدت في باريس، والتي وصفتها صحافة هذه الدول مسبقًا بـ “التاريخية” … بالإغلاق الفاضح لمعرض كرة القدم الأكثر شعبية في بريطانيا.
يكفي حتى تصفح أغلفة المنشورات الإنجليزية الرئيسية للتأكد من أن اللقاء بين إيمانويل ماكرون وريشي سوناك مظلل بالضجيج المحيط بإيقاف مقدم تلفزيون بي بي سي الشهير غاري لينيكر، لاعب كرة القدم الإنجليزي السابق، وتعطيل برنامج مباراة اليوم في هذا الصدد.
كلا الحدثين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، والحقيقة هي أن لينيكر أوقف عن العمل لأنه تجرأ على انتقاد الحكومة البريطانية على شبكاته الاجتماعية الشخصية للطريقة التي أعلنت بها عن الصفقة التي أبرمها سوناك مع ماكرون في باريس، وعند سماع وزيرة الداخلية سويلا برافرمان تعلن رسميًا عن ترحيل جميع المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى بريطانيا عبر القناة الإنجليزية، صرخت مذيع كرة القدم على تويتر: “يا إلهي، هذا أكثر من رهيب”. ثم قال العبارة التي أحدثت مثل هذا الصدى: “هذه مجرد سياسة صارمة بشكل غير متناسب ضد الأشخاص الأكثر ضعفًا، والتي يتم تقديمها بلغة ألمانيا في الثلاثينيات”.
وهذا يعني، ببساطة، أن لينيكر انتقد بشدة سياسة الهجرة للحكومة البريطانية، ولهذا السبب، تم إبعاده عن الهواء من قبل قيادة شركة التلفزيون الحكومية بي بي سي، بزعم “انتهاك قواعد الحياد” وتسبب ذلك في شغب بين زملاء لينيكر، الذين رفضوا أيضًا البث في غيابه، ونتيجة لذلك، ولأول مرة منذ سنوات عديدة من الوجود، لم يتم إطلاق العرض يوم السبت الماضي، وشعر الكثيرون أن الأمر لا يتعلق “بالحياد” على الإطلاق، بل يتعلق بانتقاد الحكومة (الذي يبدو أنه لا يزال مسموحًا به) كما قال لاعب كرة قدم معروف في الماضي ، وهو الآن معلق ، جاري نيفيل ، بصراحة إن زميله تم إيقافه بسبب “معارضة حزب المحافظين والنظام”.
في غضون ذلك، أعلن سوناك وماكرون في باريس عن “الصفقة التاريخية” للغاية لتكثيف الحرب ضد المهاجرين غير الشرعيين على متن قوارب واهية تتحرك عبر القناة الإنجليزية، وفي السنوات الأخيرة، أصبح هذا بلاء لبريطانيا، والآن، أعلن رئيس الوزراء ورئيس وزارته الداخلية رسميًا: “كفى”.
وفقًا للاتفاق مع ماكرون، فإنهم يخططون لبناء معسكر كبير في فرنسا لاحتجاز المهاجرين غير الشرعيين (كيف يمكن للمرء ألا يتذكر تشبيهات لينيكر مع ألمانيا النازية) بالإضافة إلى ذلك، تعهد الفرنسيون بزيادة عدد دوريات الشرطة على طول القناة الإنجليزية، لهذه الأغراض، وعدت لندن بتخصيص مبلغ كبير – ما يقرب من 500 مليون جنيه إسترليني – على مدى السنوات الثلاث المقبلة: هذه هي الاتفاقية “التاريخية”.
تحاول حكومة سوناك، بالطبع، بيع هذه الصفقة بضجة شديدة لإغراق الانتقادات، في محاولاتها، لملاحظة حتى كيف تتجاوز خط الفطرة السليمة. وهكذا، نشر رئيس وزراء بريطانيا على موقعه الرسمي على تويتر ملصقًا به نداء مجنون تمامًا للمهاجرين المحتملين: “إذا وصلت بشكل غير قانوني إلى المملكة المتحدة، فسيتم حرمانك من الوصول إلى نظام العبودية الحديث في المملكة المتحدة”. بالحكم على حقيقة أن هذا الاستئناف لم يُسحب حتى بعد موجة من الانتقادات والسخط من مواطنيه، فإن رئيس وزراء بريطانيا، صاحب العقل والذاكرة، يقدم “نظام العبودية الحديث” على أنه إنجاز لبلده!
صحيح أن الجعجعة والفضائح لم تغمر في النهاية النقد المعقول للصفقة مع ماكرون. وأشارت بعض الصحف إلى أن بريطانيا دفعت بالفعل نحو 300 مليون جنيه إسترليني لفرنسا لضمان قيام الشرطة بواجباتها المباشرة ووقف الهجرة غير الشرعية، وكانت النتيجة زيادة حادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يتنقلون عبر القناة الإنجليزية. في العام الماضي، وصل هذا الرقم إلى رقم قياسي بلغ 45000 شخص، وبناءً على اتجاهات من أوائل هذا العام، تحذر سلطات الهجرة من أن ما يصل إلى 80 ألف زائر غير شرعي قد يصلون إلى بريطانيا!
ليس من المستغرب أن تتراجع قضية أوكرانيا إلى الخلفية في الاجتماع بين سوناك وماكرون، كما ترون، فهم لا يتعاملون مع مشاكلهم الداخلية – أين هم حتى قبل حل المشاكل العالمية! وقد أوضحت صحيفة الإندبندنت هذا الاجتماع، واستحضرت الصحيفة الرسوم الكاريكاتورية الكلاسيكية للقرن التاسع عشر، والتي شارك فيها الإمبراطور الفرنسي نابليون ورئيس الوزراء البريطاني ويليام، وصور ماكرون مع سوناك بنفس الطريقة.
وهذا كل شيء، لقد انتهى زمن القوى العظمى المسماة فرنسا وبريطانيا، أما القمة الثنائية “التاريخية” الماضية هي تأكيد واضح على ذلك، ويمكن الآن تقرير مصير عرض كرة القدم فقط.
الكاتب: فلاديمير كورنيلوف — صحيفة: ريا نوفوستي
بتاريخ: 13 مارس 2023
رابط المقالة:
https://ria.ru/20230313/summit-1857367004.html
